بعد سنوات من إثارة موضوع تعيين بعض قياديي الدولة على درجة «وزير»، أسدل الستار على الإجراءات لمعالجة هذا الموضوع وذلك بصدور المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة «وزير»، والذي جاء فيه بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بهذه الدرجة اعتبارا من 31/1/2021 بناء على توصية من مجلس الخدمة المدنية، الا ان المرسوم لم يحدد المعالجة للدرجة في التعيين لمثل تلك الوظائف مستقبلا.
ويأتي هذا المرسوم بعد جدل قانوني في الفترة الماضية حول مدى قانونية التعيين على درجة «وزير»، ولعل من أفضل من كتب في هذا الموضوع هو نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق مشاري العنجري بصحيفة «القبس» في أكتوبر من عام 2019 في سياق ملاحظاته الدستورية والقانونية من تزايد صدور المراسيم التي تصدر بالتعيين في بعض الوظائف بدرجة «وزير» في عدد من الجهات الحكومية.
وقد أجاز نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق في رأيه القانوني المعاملة المالية كوزير لا الدرجة الوظيفية، هذا كما لم يغفل في رأيه القانوني الحلول لمعالجة المراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة «وزير».
لذا لن أخوض في الجانب القانوني لهذا الموضوع في ظل وجود رأي قانوني واضح ومعتبر من الناحية القانونية، لكن ما أود أن أطرحه هنا هو الجانب الذي يقع في مجال اختصاصي والمتمثل في الانعكاسات المالية لهذا الرأي القانوني وللمرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة «وزير».
ففي رأيي ان التعيين بدرجة «وزير» له أسباب، الأول يتعلق بالجانب المالي وهو ما يتقاضاه الوزير من استحقاقات مالية سواء كانت نقدية او عينية، حيث إن الاستحقاقات المالية لتلك الدرجة كانت من أفضل الاستحقاقات المالية التي يمكن تقاضيها بالدوائر الحكومية، والسبب الثاني هو الجانب البروتوكولي الذي يتميز به شاغل هذه الدرجة الوظيفية عن غيره من شاغلي الوظائف الحكومية الأخرى، أما السبب الثالث والأخير هو لتجاوز موضوع السن المقررة لإحالة شاغلي الوظائف العامة للتقاعد، وهذا يتسق الى حد كبير مع رأي نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق.
والمعينون على درجة «وزير» أنواع، الأول من ليس لهم وحدات إدارية يشرفون عليها كالمستشارين المعينين بدرجة «وزير»، وهم يعاملون ماليا معاملة الوزير وقد تم التبرير لتلك المعاملة الى ما نص عليه الدستور بالمادة 124 منه، وبناء عليه صدر القانون رقم 15 لسنة 1962 لتحديد مرتبات رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ثم عدلت المرتبات بما يتلاءم مع ظروف الزمن حتى وصل مرتب الوزير إلى 2310د.ك.
ثم بعد ذلك صدر قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 20 لسنة 2014 والذي حدد إجمالي المرتب الشهري لشغل وظيفة درجة «وزير» وهو 6000 دينار دون علاوة الأولاد، وبقرار مجلس الخدمة المدنية هذا لم يعد الجانب المالي مبررا للتعيين بدرجة «وزير»، فبعدما كان التأسيس لتحديد رواتب تلك الدرجة القانون رقم 15 لسنة 1962وتعديلاته والذي لم يعد مناسبا تم إصدار قرار من مجلس الخدمة المدنية في هذا الشأن، الأمر الذي أخرج تلك الدرجة (وزير) من مظلة التشريعات المنظمة للاستحقاقات المالية للوزراء إلى مظلة التشريعات المنظمة للوظائف العامة ممثلة بالمرسوم بقانون 15 لسنة 1979.
وبعد صدور المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة «وزير»، فإنه لم يعد يمكن التعيين إلا بالدرجات القيادية المقررة بالمرسوم بقانون 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية، وأعلى درجة فيها هي الدرجة «الممتازة» والمقرر راتبها الشامل بدون علاوة أولاد بـ5000 دينار وفقا لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم 10 لسنة 2012، وفيما يتعلق بالمميزات التي كانت مقررة لدرجة «وزير» فسيتم إلغاؤها كمنح سيارة له كل سنتين، ويستبدل بذلك ببدل نقدي شهري عوضا عن السيارة، كما ستخفض مخصصات السفر المقررة لدرجة «وزير»، هذا بالإضافة الى التعديلات المقررة كاستحقاقات عن مكافآت الأعمال الممتازة، كل ذلك في حال عدم إصدار أي قرارات بخلاف الأحكام المقررة لهذه الدرجة (الممتازة) كما تفضل به نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق في رأيه القانوني المشار إليه وفقا للمادة 14 و15 من المرسوم بقانون 15 لسنة 1979في شأن الخدمة المدنية.
النوع الثاني هم رؤساء بعض الجهات الحكومية ممن نصت قوانين إنشائها او المنظمة لها على صدور مراسيم بتعيينهم بمسمياتهم الوظيفية المذكورة بالقانون (رئيس، مدير عام…. الخ) ولم ينص صراحة على الدرجة الوظيفية لهم بالقانون، وبعد صدور المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة «وزير»، فإن هذا النوع من الوظائف يفترض ان يصدر بهه مراسيم وفقا للمسميات الوظيفية المنصوص عليها بقوانين انشائها او المنظمة لها، مما سيفقدون كل ما هو مقرر لهم بدرجة «وزير» من مميزات نقدية او عينية، ويبقى على ما هو مقرر لهم وفقا لقانون إنشائها او المنظم لها.
النوع الثالث هم رؤساء بعض الجهات الحكومية ممن نصت قوانين إنشائها او المنظمة لها على صدور مراسيم بتعيينهم بدرجة «وزير»، وهنا يستلزم تعديل تشريعي على تلك القوانين لإلغاء درجة الوزير بما يتسق مع أحكام المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة «وزير»، حيث لا يمكن التعديل على تلك القوانين بمراسيم وانما بذات الأداة التشريعية التي صدرت بها، وهذا النوع من رؤساء بعض الجهات الحكومية سيفقد كل ما هو مقرر له بدرجة «وزير» من مميزات نقدية او عينية، ويبقى على ما هو مقرر له وفقا لقانون إنشائها او المنظم لها.
وبلا شك سوف تبرز بعض الإشكاليات المتعلقة بالمسميات الوظيفية لرؤساء بعض الجهات الحكومية في النوع الثاني والثالث، وذلك بالنسبة لكيفية المعادلة الوظيفية لهم (الممتازة، وكيل وزارة)، خاصة في ظل وجود مسميات ومستويات إدارية متقاربة في تلك الجهات، وعلى سبيل المثال لا الحصر الهيئة العامة لمكافحة الفساد فللهيئة رئيس وأمين عام فكيف تتم معادلة تلك الوظائف وفقا للوظائف العامة.
ويبقى على عاتق مجلس الخدمة المدنية معالجة تلك الإشكاليات والموجودة في أكثر من جهة حكومية، مع الأخذ بعين الاعتبار مدى قانونية صدور مرسوم بتحديد الدرجة الوظيفية لرئيس الجهة او غيره على الرغم من عدم النص عليها صراحة بقوانين إنشائها او المنظمة لها، او تسمية قياديين ممن ينظم شؤونهم الوظيفية قوانين خاصة ويتمتعون بمميزات وفقا لقوانينهم الخاصة بالإضافة الى ما يقرر لهم وفق قانون وقرارات الخدمة المدنية كتعيين طبيب او عسكري بوظيفة قيادية، خاصة ان أحكام قانون الخدمة المدنية لا تسري على العسكريين على سبيل المثال.
نسعد دائما بتفاعلكم معنا، يمكنكم ترك تعليق اسفل الموضوع، جميع التعليقات مفتوحة لزوار الموقع بشرط عدم التجاوز في حق احد او ازدراء الاديان.
خليك ترند مجلة الكترونية عربية تهتم بنشر اهم وابرز الاخبار والتحديثات حول العالم، جميع الاخبار والموضوعات المنشورة هنا ليست وجهة نظر المجلة ولكنها تحت مسؤولية المحرر
المصدر
مشاهدة المزيد
اشهر مستشرق في اورربا اراد ان يبحث عن عيوب في القرآن فماذا وجد
أسفر إطلاق نظام قطارات موسكو المركزية عن قفزة نوعية في أنظمة النقل العالمية
دراسة جديدة تشير إلى أن استخدام الأسمدة الغنية بثلاثة معادن أساسية يعزز بشكل كبير من إنتاجية البطاطس