خليك ترند

مجلة إلكترونية شامله

الأجهزة الرقابية ودورها في مكافحة | جريدة الأنباء

Writers Image

عندما شدد سمو رئيس مجلس الوزراء في لقاء سابق مع رؤساء وممثلي الأجهزة الرقابية الحكومية، على اتخاذ خطوات حقيقية وجادة لاستئصال منابع الفساد بالدولة، وتأكيده على أن مثل تلك الخطوات لا تأتي الا من خلال العمل كفريق حكومي واحد وبتعاون تلك الجهات، مع الأخذ بعين الاعتبار الاستقلالية التي منحها القانون لتلك الجهات الرقابية، كان لمثل هذا اللقاء مدلولات واضحة عن مدى الاستياء الرسمي والشعبي من مسألة الفساد المتفشي بالدولة.

ويأتي لقاه سمو رئيس مجلس الوزراء هذا في ظل التوجيهات السامية لسمو الأمير شفاه الله، والمتعلقة بحماية المال العام ومكافحة الفساد وفرض هيبة القانون، وفي ظل أيضا ازدياد حجم المخالفات التي ترصدها الجهات الرقابية رغم تعددها.

والفساد كظاهرة لم يعد نطاق أثره محليا، بلى تعدت آثاره هذا النطاق ليكون على مستوى دولي، خاصة فيما يتعلق بجريمة غسيل الأموال والاتجار البشر، الامر الذي بلا شك سينعكس سلبا على سمعة الكويت في المحافل الدولية، لذلك أصبحت قضية محاربة مثل هذا النوع من الفساد وصوره المتعددة مسؤولية وطنية بالدرجة الأولى.

والآن في ظل تلك التوجيهات السامية، وفي ظل تحرك الحكومة في تنفيذ تلك التوجيهات، والتي بدأت باللقاء الموسع مع الأجهزة الرقابية الحكومية، فعلى الأجهزة الرقابية ان تعيد صياغة استراتيجيتها بما يتسق مع تلك التوجيهات، ويكون ذلك من خلال العمل بعدة مسارات مختلفة في آن واحد.

فمن المفترض بعد اللقاء المذكور والذي عقد في التاسع من شهر يوليو 2020، ان تتخذ الجهات الرقابية التي شاركت في هذا اللقاء خطوات تنفيذية جادة تجاه مكافحة الفساد، منها ما يتعلق بتفعيل ادواتها الرقابية التي تملكها بموجب قوانين انشائها، ومنها ما يتعلق بتفعيل سبل التعاون بين الأجهزة الرقابية في القضايا الرقابية المشتركة، وذلك من خلال إنشاء منصة لذلك وفق مذكرات تفاهم بين تلك الأجهزة.

ولعل الاتجاه بإنشاء مثل تلك المنصة قد جاء بقرار مجلس الوزراء الذي عقد مؤخرا، والقاضي بشكيل لجنة عليا برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء وعضوية الأجهزة والجهات الرقابية الحكومية، لتتولى دعم جهود تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وتفعيل التعاون والتنسيق والتكامل بين الأجهزة الرقابية.

وعلى الرغم من تعدد التشريعات المتعلقة بالأجهزة الرقابية والتي يفترض بها ان تحقق التكامل فيما بينهما، الا انه لا توجد أي موانع من قيام الجهات الرقابية بدراسة تشريعاتها وإعادة النظر فيها إذا استلزم الامر ذلك، بهدف سد الثغرات فيها، وبما يتناسب مع متطلبات الدولة الحالية في محاربة الفساد، ويمكن ان تتخذ الجهات الرقابية أيضا الخطوات التنفيذية مباشرة ودون تأخير إذا لم يستلزم الامر تعديل تلك التشريعات بقوانين، كالمراسيم والقرارات والتعاميم واللوائح التي تنظم آليات العمل.

فعلى سبيل المثال لا الحصر جهاز المراقبين الماليين يعتبر أحد الأجهزة الرقابية التي تعنى بتحقيق الرقابة المالية المسبقة على الأداء المالي للدولة، كما يستهدف الجهاز ضمان الشفافية والنزاهة والوضوح في الأداء المالي العام، وتعزيز المصداقية والثقة بالإجراءات المالية، وذلك من خلال التأكد من مدى مطابقة الأداء المالي للقوانين والأنظمة واللوائح والتعاميم والقرارات المنظمة لها.

فرقابة الجهاز المسبقة والتي تسمى (الرقابة المانعة/ الوقائية)، تلزمه بالتحقق من مدى اتساق التصرفات المالية بالجهات والمؤسسات للقوانين والقرارات والتعليمات المالية، ومدى استيفائها للمستندات المؤيدة لها، كما تلزمه بالامتناع عن إجازة أي من التصرفات المالية في حال عدم اتساقها للقوانين والقرارات والتعليمات المالية، الا بتوقيع الوزير او رئيس الجهة وعلى مسؤوليته السياسية والقانونية.

وقد أصدر جهاز المراقبين الماليين تعميما في شأن الاجراءات الخاصة بتنفيذ احكام المادة 14 من القانون رقم 23 لسنة 2015 المتعلقة بالامتناع عن توقيع الاستمارة (التصرفات المالية)، وقد حدد التعميم الحالات التي يمتنع المراقب المالي عن اجازتها وحصرها بـ 20 حالة.

ووفقا للتشريعات التي تنظم عمل جهاز المراقبين الماليين، فإنه يملك ان يصدر تعديلا بكل يسر على هذا التعميم، بحيث تتم إضافة حالة ضمن حالات الامتناع، والتي تخول المراقب المالي الامتناع عن اعتماد أي تصرف مالي يتعلق بعقود الخدمات في حال عدم تقديم الشركات والمقاولين ما يثبت تحويل رواتب عمالتها للبنوك، وبان تكون العمالة على إقامة تلك الشركات والمقاولين، علما بان تلك الاشتراطات هي أصلا ترد ضمن وثائق المناقصات والممارسات الحكومية.

فعلى الرغم من ان هذا التعديل الاجرائي يعتبر بسيطا في تنفيذه، الا انه يعتبر كبيرا في أثره واهميته، فهذا التعديل الاجرائي الرقابي كفيل بالمساهمة في الحد من سبل الاتجار بالبشر، كما ان له انعكاسات ودلالات دولية على جدية الدولة في مكافحة الاتجار بالبشر.

ختاما نؤكد انه يمكن للجهات الرقابية ان تلعب دورا محوريا في مسألة مكافحة الاتجار بالبشر من خلال إعادة صياغة آليات عملها بما يخدم هذا الهدف.

[email protected]



نسعد دائما بتفاعلكم معنا، يمكنكم ترك تعليق اسفل الموضوع، جميع التعليقات مفتوحة لزوار الموقع بشرط عدم التجاوز في حق احد او ازدراء الاديان.
خليك ترند مجلة الكترونية عربية تهتم بنشر اهم وابرز الاخبار والتحديثات حول العالم، جميع الاخبار والموضوعات المنشورة هنا ليست وجهة نظر المجلة ولكنها تحت مسؤولية المحرر

المصدر